نعرف أن جواز السفر هو الوثيقة الأهم حين نفكر بالسفر من دولة لأخرى، فهو يعتبر بديلاً عن الهوية الوطنية في الدولة التي تسافر إليها، ويحتوي على معلوماتك الأساسية، كما أنه يستخدم لضمان حقوقك وكرامتك خارج حدود وطنك، وتختلف قوة جواز السفر من دولة لأخرى، مما يعني أن الجواز القوي يسمح لك بدخول عدد كبير من الدول دون الحاجة لوجود تأشيرة سفر أو "فيزا"، بينما الجواز الضعيف لا يسمح لحامله بدخول دولة أخرى دون وجود فيزا، وسنتعرف في مقالة اليوم على كثير من المعلومات حول جوازات السفر.
عن نشأة هذه الوثيقة الهامة:
تم ذكر أول وثيقة مشابهة لجواز
السفر الحالي حالي عام 450 قبل الميلاد، وذلك حين سمح الملك الفارسي المسمى
أرتحشتا الأول أو Artaxerxes
I لوزيره المساعد نحميا Nehemiah بأن يغادر مدينة سوسة Suse، وذلك بهدف
التوجه نحو يهودا الواقعة جنوب فلسطين، وقد قام الملك الفارسي بمنح مساعده رسالة،
طلب فيها من حكام المناطق التي تقع على الضفة الثانية من الفرات، أن يعملوا على
تسهيل تنقل مساعده.
وبالعودة للوثائق القديمة، فإن ذكر
عبارة جواز سفر بدأ في فترة العصور الوسطى، فقد احتاج الغرباء في تلك الفترة لعبور
أبواب المدن نتيجة وجود العديد من الأسباب والدوافع، وقد احتاجوا لتصريح من السلطة
المحلية للتجول بحرية، حتى أن المدن الشاطئية قد طلبت من الذين يدخلون عبر موانئها
الوثائق الشبيهة بجوازات السفر.
في بريطانيا:
لطالما جرى اعتبار ملك إنكلترا
هنري الخامس هو اول من اعتمد وثيقة تشبه جواز السفر الموجود حالياً، وقد سعى
لحماية رعاياه بعد مرسوم صدر عن البرلمان عام 1414 كان يسمى "المسالك
الآمنة"، وقد كان هذا المرسوم هادفاً إلى حماية الرعايا خلال تنقلاتهم على
الأراضي الأجنبية عبر إيجاد وثيقة تثبت موطنهم الأصلي والهوية التي يحملونها، إذ
بدأ في تلك الفترة مفهوم حماية مواطن
موجود في دولة أخرى، وذلك منذ أن ظهر مفهوم الدولة والحاكم، وكانت هذه الوثائق
بمثابة عهد الأمان، التي جرى منحها للأفراد للسماح لهم بعبور أراضي الدول المعادية
لدولتهم، مع ضمان عدم تعرضهم للإساءة بأي شكل من أشكالها، وقد تعطل العمل بهذا المرسوم
لمدة سبع سنوات، بدءاً من عام 1435 حتى عام 1442، حيث قد تم اعتماده مجدداً، ومن
ثم صارت هذه مهمة المجلس الخاص الإنكليزي عام 1540، إذ صار المجلس الخاص الإنكليزي
هو المسؤول عن إصدار وثائق السفر، وفي تلك الأحيان بدأت عبارة جواز سفر تنتشر
كثيراً، وكان يسمح لحاملي هذه الوثائق خلال الحروب بالانسحاب والتراجع دون التعرض
لأي أذية.
أما في عام 1794 فقد تم إسناد مهمة
إصدار جوازات السفر لمسؤولي وزارة الخارجية، ويعود أقدم جواز سفر بريطاني للعام
1636، إذ سمح الملك تشارلز الأول حينها للسير توماس ليتلتون بالسفر إلى أراضي ما
وراء البحار، وهي التي كانت في تلك الفترة المستعمرات الإنكليزية في القارة
الأميركية، ولم تكن وثائق السفر حينها تحمل صور شخصية للمسافرين، بل كانت تقتصر
هذه الوثيقة على اسم المسافر، ومعلوماته الشخصية.
قد يعجبك أيضاً: كل ما تحتاج أن تعرفه عن السفر بالقطار.
ولاحقاً، حين انتشرت خطوط السكك
الحديدية، وبدأت تمتد لمسافات طويلة بين مختلف الدول، وذلك في الفترة الممتدة ما
بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، قد تزايدت أعداد
الرحلات بين الدول الأوروبية المختلفة، وبدأ حينها عبور عدد كبير من المسافرين
للحدود بشكل يومي، مما عنى صعوبة في مراقبة جوازات السفر، وقد بدأت وثيقة السفر
تتراجع شيئاً فشيئاً، أما حين بدأت الحرب العالمية الأولى، فقد فرضت معظم الدول
جوازات السفر على المسافرين لأسباب أمنية، وقد اقتضت الضرورة أن يجري تحديد جنسيات
الوافدين لدواع وأسباب أمنية، وذلك لتجنب خطر العمليات التخريبية والجواسيس.
جواز السفر هو أهم وثيقة لدى أي مسافر |
أما في المرحلة
التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى، فقد جرى اعتماد جواز السفر في أغلب الدول
الكبرى، وقد احتج الكثير من المسافرين البريطانيين على تلك الإجراءات إذ أجبرتهم
هذه الإجراءات على التقاط الصور الفوتوغرافية لهم، وهو الأمر الذي اعتبروه يمس من
إنسانيتهم.
فيما قد تم
الاتفاق عام 1920 من قبل منظمة عصبة الأمم -قبل ظهور الأمم المتحدة - على إصدار
إرشادات وتعليمات معيارية خاصة بجواز السفر، وهي تشبه الإجراءات المعتمدة اليوم،
وكانت ألوان أغلفة الجوازات المعتمدة في هذه الفترة عبارة عن أربعة ألوان أساسية،
تعبر عن هذه الدول وميولها، الوطنية، القومية، والدينية كذلك.
ومن الجدير
بالذكر أن كلمة جواز سفر تستخدم للسفر البحري أي للسفر عبر الموانئ، أو للسفر البري
عبر بوابات المدن، فكلمةPort الموجودة في passport تعني المرفأ بالإنكليزية،
وكذلك تعني كلمة بوابة بالفرنسية.
ومن الطريف ذكره هنا، أن جميع الصور كانت مقبولة في جوازات السفر، بما في
ذلك الصور الجماعية، والصور العائلية، ولم تكن هناك أية قيود على حجم الصور كما
الحال اليوم، وصار متعارفاً على أن تقاس قوة جواز السفر بعدد الدول التي يمكن لحامل
هذا الجواز أن يسافر إليها.
من أين تنبع أهمية جوازات السفر؟
تحظى جوازات السفر المسروقة والمفقودة بأهمية كبيرة لدى
المجرمين والإرهابيين، إذ عادة ما يتم استخدامها لعبور الحدود دون أن يتم اكتشاف
أمر هؤلاء المجرمين، لذا فإنك يجب أن تعتبر جواز سفرك بمثابة سلاح، لا يجوز أن يقع
في يد غيرك، وقد ركزت العديد من وكالات الأنباء في العقود الأخيرة على العديد من
المجرمين الدوليين، إذ قاموا بتنفيذ
العديد من الهجمات الإرهابية، وقد سافروا بين عديد من الدول باستخدام
جوازات سفر غير صالحة، حتى يتمكنوا من إخفاء هوياتهم.
لذا فإن عليك أن تعرف أن جواز السفر المسروق أو المفقود
يساعد المجرمين والفارين على الإفلات من العدالة والقانون، كذلك فإنه يقدم
التسهيلات للمقاتلين الإرهابيين الأجانب ليساعدهم على السفر من مناطق الصراع
المحتدمة وإليها، بالإضافة إلى أن شبكات الاتجار بالبشر تعمل على نقل الضحايا عبر
الحدود بستخدام الجوازات غير الصالحة.
بعد أن تعرفنا إلى أخطار ضياع جواز السفر..
ماذا عليك أن تفعل في حال فقدت جواز سفرك؟
إذا اكتشفت أنك قد أضعت جواز سفرك، عليك أن تقوم فوراً
بتبليغ الشرطة، أو أي جهاز آخر مختص بسرقة وفقدان جوازات السفر، علماً أن إجراءات
التبليغ بفقدان أو سرقة جوازات السفر تختلف من دولة لأخرى، فقد تكون قادراً على
إبطال جواز سفرك عبر الدخول إلى الموقع الرسمي لحكومة دولتك، أو أنك قد تحتاج
لتعبئة استمارة في مراكز الشرطة المحلية.
ومن ثم فإن الشرطة في دولتك تقوم بتسجيل هذا القيد في قاعدة
البيانات الوطنية لديها، وذلك بالتماشي مع إجراءات التشغيل الموحدة المتبعة في هذه
الدولة، وتقوم الشرطة بمشاركة هذه البيانات مع الانتربول عبر المنظومة العالمية
للاتصالات الشرطية، وتدرج المعلومات الخاصة بجواز سفرك المفقود في قاعدة بيانات
الانتربول لوثائق السفر المسروقة والمفقودة، علماً أن موظفي أجهزة إنفاذ القانون
العاملين في المطارات والمعابر الحدودية في الدول المنتسبة في الانتربول يمكنهم أن
يقوموا بالتحقق من وثائق السفر، وذلك عبر مقارنة هذه البيانات مع قاعدة بيانات الانتربول
للوثائق المسروقة والمفقودة، وذلك حتى تتحقق في غضون ثوان فيما إذا كانت وثائقك
صالحة للسفر، أما بالنسبة للإجراء المتبع في حال المطابقة في عمليات البحث، تصبح
الشرطة قادرة على اتخاذ الإجراءات اللازمة، فيمكن لها أن تقوم باستجواب المسافر
على حدة، أو القيام بالمزيد من التدقيقات.
أما إذا عثرت على جواز سفرك بعد إبلاغ الشرطة بأنك قد
فقدته، أبلغ الشرطة بذلك مجدداً، ولا تستخدمه للسفر مطلقاً قبل إبلاغ الشرطة مجدداً
بالعثور عليه، إذ أنه لن يكون صالحاً للسفر، وذلك حسب لإجراءات الوطنية المتبعة في
الدولة التي أنت فيها.
فمن الممكن أن تتعرض لاستجواب الشرطة الحدودية، ما يؤدي
لتوترك وإجهادك، وضياع وقتك، ومن الممكن ألا تتمكن من متابعة سفرك بعدها.
ومن المهم أن تسأل في البداية في محطات الأمانات الخاصة
بوسائل النقل، كالقطار والطيارة وغيرها، إذ أنه من الممكن أن تفقد جواز سفرك على
متن الرحلة، ومن ثم يعثر عليه أحد المسافرين أو عمال التنظيف الذين يعملون على
تسليمه للأمانات.
اقرأ على مدونتنا: أغرب وسائل النقل بالعالم
يجب الحفاظ على جواز السفر والمقتنيات الثمينة في الخزنة |
قصة طريفة:
ذكر الموقع الإسباني "فيفا موندو" قصة عن سائح في
أوروبا ضاع منه جواز سفره، ولم يعرف فيما إن كان قد أسقطه في الطريق، او إذا كان
قد تعرض للسرقة، لكنه كان في موقف لا يحسد عليه أبداً.
وقد فقد هذا المسافر جواز سفره يوم الجمعة، وانتظر أول يوم
دوام في الأسبوع التالي، وهو يوم الاثنين حتى يسأل عن جواز سفره في الأمانات، لكنه
لم يعثر عليه، فما كان منه إلا أن ذهب إلى قنصلية بلاده في أول يوم دوام، وبما أنه
كان يحفظ كل البيانات الخاصة بجواز سفره الضائع، كتاريخ إصداره، تاريخ انتهاء
صلاحيته، اسم الأم والأب، ورقم البطاقة الوطنية، فقد طلبت منه القنصلية محضر
الشرطة حول ضياع هذه الوثيقة، وصور شخصية لاستخراج الجواز الجديد، وكذلك القيام
بدفع الرسوم الخاصة بهذه الخدمة في البنك.
وقد عمل على دفع الرسوم والعودة للقنصلية بأسرع وقت ممكن
حاملاً معه محضر الشرطة، مما أدى لحصوله على جواز سفر بدل ذاك الضائع في نصف ساعة
فقط، إذ أن القنصليات تملك صلاحية إصدار وثيقة سفر مؤقتة في الحالات الضرورية والمستعجلة،
بحيث تتمكن عبر هذه الوثيقة من العودة إلى وطنك إن كان موعد رحلتك قريباً، ومن ثم
تقوم باستخراج جواز جديد في دولتك.
أما الجزء غير السار من هذه القصة هو استخراج التأشيرة
مجدداً، إذ أن السائح الذي ذكرنا قصته في الأعلى كان قد حاول الحصول على فيزا شنغن
التي تمكنه من التجول في أوروبا، ولكنه كان قد حصل على رقم الفيزا عبر البريد الالكتروني،
وذلك نتيجة مراسلة رسمية تمت بينه وبين السفارة، فما كان مطلوباً منه سوى أن يعود
لبريده الالكتروني ويحصل على رقم هذه الفيزا، وأن يستخرج البيانات التي يحتاجها
بهدف إعادة استصدار الفيزا.
وقد قام هذا المسافر بأخذ هذه البيانات إلى القنصلية وقام
بتعبئة استمارة، مرفقاً إياها بمحضر ضياع جواز سفره، والصور الشخصية، وتمكن من
مواصلة رحلته دون مزيد من المتاعب، حيث أنه حصل على تأشيرة سفر جديدة وسارية
المفعول للمدة السابقة نفسها.
نصائح هامة عند السفر بخصوص جواز سفرك:
·
احرص على الاحتفاظ بنسخة مصورة من جواز سفرك
والتأشيرات التي تملكها، كذلك البطاقات الائتمانية، وعقود التأمين، وكافة الأوراق
والوثائق الهامة، وإن أمكنك أن تحصل على نسخة رقمية من هذه الوثائق فإن ذلك يكون
أفضل، سواء قمت بالاحتفاظ فيها في هاتفك أو صندوقك البريدي، وذلك حتى تتمكن من
الاطلاع عليها والاستفادة منها كلما دعت الحاجة لذلك.
·
لا تعمل على حمل جواز سفرك في كافة الأوقات، إذ
يمكنك أن تبقيه في خزنة الفندق، ومن الممكن أن تأخذ نسخة منه في حال تم طلبه منك، أما
إذا كنت في دولة أخرى وتريد الحصول على تأشيرة، احرص على ألا تترك جواز سفرك لدى
السفارة، بل أبقه معك، فهي الوثيقة الوحيدة التي يجري الاعتراف بها خارج بلادك.
·
تقدم بشكوى للشرطة إن لم يتم العثور على جواز
سفرك في صندوق الأشياء الضائعة خلال فترة قصيرة، وحين تعثر الشرطة على جواز سفرك
ستخبرك بذلك، أما إن لم يعثروا على الجواز الضائع، فإن هذا يعني أنك قد حميت نفسك
من الوقوع في أية مشكلة، إذا تم استخدامه من قبل شخص آخر.
·
إن امتلكت الوقت الكافي، احرص على الاتصال
بالقنصلية أو السفارة المعنية، حتى تتمكن من الحصول على تأشيرة جديدة عوضاً عن تلك
التي كانت موجودة على جواز سفرك المفقود، حاول أن تتواصل معهم باستخدام الهاتف أو
البريد الالكتروني، وذلك حتى تتمكن من تجهيز الوثائق اللازمة لإصدار التأشيرة
الجديدة، وفي حالات الضرورة القصوى، أو عدم وجود وقت كاف، احرص على الاستعانة
بسفارة دولتك، حتى تتمكن من مساعدتك.
علماً أن الكثير
من المسافرين يتعرضون لفقدان جوازات سفرهم، والعملية الأصعب تكون لدى الشباب إذنهم
قد يضطرون لإعادة استخراج وثائق التجنيد حتى يتمكنوا من الحصول على جواز السفر
الجديد، وهي العملية المعقدة والشاقة، احرص على حفظ جواز سفرك في مكان آمن، ولا
تضعه في مكان لا يخطر على بال أحد، حتى لا تنس هذا المكان، وبالتالي تصبح غير قادر
على تذكر هذا المكان أنت أيضاً!
حاول الاحتفاظ
بالعديد من النسخ المصورة من جواز سفرك، على الهاتف الجوال، والحاسب الشخصي، وذلك
بهدف تقليل استخدام الجواز الأصلي، وبالتالي التقليل من إمكانية ضياع هذا الجواز.
قد يهمك أيضاً:
أهم النصائح قبل قيامك بالسفر
تعليقات
إرسال تعليق
اتمنى ان تشاركني تعليقك